القوة والأخلاق
* ممدوح أغبارية
هذا المقال كتب في أول مجلس عام بعد سفر د.عزمي بشارة
عقد المجلس العام ,للتجمع الوطني الديمقراطي, دورته الأولى السبت ما قبل الأخير. ولعل أبرز ما تميز فيه مجلسنا العام هذه سنة على مستوى الحضور, هو غياب مؤسس الحزب ورئيسه القائد د. عزمي بشارة المنفي عن بلده الحاضر في وطنه, واشتراك الرفاق أعضاء التجمع الوطني الديمقراطي الجدد من التحالف الوطني التقدمي وسكرتير حركة أبناء البلد في جامعة حيفا سابقا. حيث انضم الأخيرين إلى صفوف التجمع بعد الهجمة الشرسة في سنة الأخيرة على الحركة الوطنية المتمثلة بملاحقة شباكية ضد قيادتها وكوادرها.
كما أفرز المجلس العام حوارات بناءة واجتهادات سياسية عديدة داخل الحزب المظلة الأوسع لأبناء الحركة الوطنية وأنصار التيار القومي عموما في داخل. وكانت القيادات داخل الحزب وفي أكثر من مناسبة, قد نبهت ونوهت إلى دور الهيئات الحزبية(الحركة الطلابية, أتحاد المرأة وأتحاد الشباب) عامة في تطوير أجندة الحزب اجتماعيا وسياسيا. وكما حثت قيادتنا هذه الهيئات على الاجتهاد المستقل وعدم تقديس التنظيم بقدر احترامه، ودعمت فيهم الحضور الخلاق والوعي النقدي الذي يضع كلَّ شيء موضع المُساءلة والمحاسبة. وكان فك تحالف مع قائمة "عوجنيم" مؤخرا في نقابة العمال الهيستدروت وموقف كتلة التجمع التي تقود الإتحاد القطري للجامعيين العرب المتحفظ والغير مؤيد لنتائج أضراب المحاضرين هو دليل الأكبر على نضوج الحزب واستيعابه لنقد الذاتي البناء الذي يصب في تطوير الحركة الوطنية. وكنا خلال النقاش قد أثرنا قضايا عديدة تتعلق بتثقيف الكوادر والنضال الشعبي, حيث تم تشديد على أن الالتفاف الجماهيري الواسع حول الحركة الوطنية هو الدافع الأساسي لنجاحها في كسب المصداقية الشعبية لحزب جماهيري يحمل هموم الأقلية العربية. كما قدمت مداخلات حول النضال السياسي والنضال الاجتماعي الذي يخوضهما الحزب. وقد اجتهد بعض رفاق في ضرورة فصل النضالين لما يحوياه من أجندة مختلفة. خصوصا لما يحمله المشروعان من أولويات مرتبطة بسيادة وحق تقرير المصير وتنظيم الأقلية القومية عبر هيئات تمثيلية منتخبة جامعة لكل الأطياف السياسية. طبعا لا يعني الفصل بينهما ببناء الجدار الفاصل, حيث لا يمكن للنضال الاجتماعي أن يتطور ألا أذا أرتكز على أرضية سياسية مضادة للسياسات العنصرية للدولة. ولأننا لا نقصد بناء الجدار وجب تنويه أننا لا نعول على حركة وطنية دون برنامج يحرر المجتمع ويحميه عبر أحياء قيم العدالة الاجتماعية والتنور والحداثة الاجتماعية.ولأننا حزب جماهيري نخبوي الفكر- شعبي الممارسة, وجب على البعض منا التوقف عن الاحتفاء اليوتوبي بمفاهيم العلمانية والحداثة من خلال عملنا الجماهيري. حيث تكمن سلبية هذا المسار نضالي بمشاريعه النظرية المجردة ومقولاته العقائدية المغلقة البعيدة نسبيا عن مورثونا الثقافي وقيمه, في خلق الفجوات الاجتماعية والتباين الثقافي عبر رفض الممارسات الوطنية الأخرى لما تفقده من رؤية تقدمية على مستوى مشروعهم الاجتماعي اليوتوبي الوحيد, الصالح لكل أزمنة تاريخ والمجتمع. مما يجعل الالتقاء مع وطنيين أقل "تقدما" في تقاطعات وطنية أساسية شبه مستحيلة. حيث لا يمكننا في الحزب التعامل مع الجمهور المحلي كما لو انه كتلة مطيعين لا يوجد لها ملامح ولا تتفاعل بل تتكون حسب ما تريد النخب سياسية وتدعوا أليه. هذه ليست ديماجوجية بل هو اجتهاد مختلف يغفر لنا فجاجة تعبير والزهو الثوري للشباب.
الجمعة، 26 فبراير 2010
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق